السسسلام عليكمم ورحمةة الله وبركاتةة
سئل فضيلة الشيخ بن العثيمين : هناك مشكلة ترد على بعض الناس وهي:
كيف يعاقب الله على المعاصي وقد قدرها على الإنسان؟
*******************************
فأجاب قائلاً : هذه في الحقيقة ليست مشكلة وهي إقدام الإنسان على العمل السيئ ثم يعاقب عليه هذه ليست مشكلة؛
لأن إقدام الإنسان على العمل السيئ ، إقدام باختياره فلم يكن أحد شهر سيفه أمام وجهه وقال :
اعمل هذا المنكر بل هو عمله باختياره والله - تعالى - يقول: (إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا)
فالشاكر والكفور كلهم قد هداه الله السبيل وبينه له ووضحه له.
ولكن من الناس من يختار هذا الطريق ومن الناس من لا يختاره ، وتوضيح ذلك أولاً بالإلزام ،
وثانياً بالبيان: أما الإلزام فإننا نقول للشخص : أعمالك الدنيوية وأعمالك الأخروية كلاهما سواء
، ويلزمك أن تجعلهما سواء ، ومن المعلوم أنه لو عرض عليك من أعمال الدنيا مشروعان أحدهما ترى لنفسك الخير فيه
، والثاني ترى لنفسك الشر فيه ، من المعلوم أنك تختار المشروع الأول الذي هو مشروع الخير ولا يمكن أبداً بأي حال من
الأحوال أن تختار المشروع الثاني وهو مشروع الشر ، ثم تقول : إن القدر ألزمني به ، إذاً يلزمك في طريق الآخرة ما التزمته
في طريق الدنيا ، ونقول : جعل الله أمامك من أعمال الآخرة مشروعين مشروعاً للشر وهو الأعمال المخالفة للشرع ، ومشروعاً للخير
وهوالأعمال المطابقة للشرع، فإذا كنت في أعمال الدنيا تختار المشروع الخيري فلماذا لا تختار المشروع الخيري في أعمال الآخرة ،
إنه يلزمك في عمل الآخرة أن تختار المشروع الخيري كما أنت التزمت في عمل الدنيا أن تسلك المشروع الخيري هذا طريق الإلزام.
أما طريق البيان فإننا نقول : كلنا يجهل ماذا قدر الله له قال الله -تعالى-: (وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا)
فالإنسان حينما يقدم على العمل يقدم عليه باختيار منه ليس عن علم بأن الله قدره عليه وأرغمه عليه ولهذا
قال بعض العلماء : "إن القدر سر مكتوم" ونحن جميعاً لا نعلم أن الله قدر كذا حتى يقع ذلك العمل ، فنحن إذاً
حينما نقدم على العمل لا نقدم عليه على أساس أنه كتب لنا أو علينا، وإنما نقدم عليه باختيار ، وحينما يقع نعلم أن الله قدره علينا،
ولذلك لا يقع احتجاج الإنسان بالقدر إلا بعد وقوع العمل ، ولكنه لا حجة له بذلك ويذكر عن أمير المؤمنين عمر قصة - قد تصح عنه
وقد لا تصح - رفع إليه سارق تمت شروط القطع في سرقته فلما أمر أمير المؤمنين بقطع يده قال: مهلاً يا أمير المؤمنين والله ما سرقت
ذلك إلا بقدر الله. قال له : ونحن لا نقطع يدك إلا بقدر الله . فاحتج عليه أمير المؤمنين بما احتج به هو على سرقته من أموال المسلمين
، مع أن عمر يمكنه أن يحتج عليه بالقدر والشرع ، لأنه مأمور بقطع يده ، أما ذاك فلا يمكن أن يحتج إلا بالقدر إن صح أن يحتج به.
وعلى هذا فإنه لا يمكن لأي أحد أن يحتج بالقدر على معصية الله ، وإنه في الواقع لا حجة فيه
يقول الله عز وجل - : (رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجه بعد الرسل) فالله يقول : (لئلا يكون للناس على الله حجه بعد الرسل)
مع أن ما يعمله الناس بعد الرسل هو بقدر الله ، ولو كان القدر حجة ما زالت بإرسال الرسل أبداً . بهذا يتبين
لنا أثراً ونظراً أنه لا حجة للعاصي بقضاء الله وقدره ، لأنه لم يجبر على ذلك . والله الموفق.
في اماان الله .. لاتحرمونا من دعواتكم